الأصمعي و الأعرابي
قال الأصمعي : كنت عند الخليفة هارون الرشيد يوما فقال لي : يا أصمعي قلت : نعم يا أمير المؤمنين قال هل غلبك أحد فيما أنت فيه من العلم ؟ قلت نعم قال فهات حدثني .
فقلت بينما كنت مدعوا إلى وليمة إذ بأعرابي اقبل ففج الناس وجلس على المائدة يأكل بشراهة وبدون أستاذان فأحببت إن اسخر منه فقلت له : يا أعرابي قال : نعم فقلت له :
كأنك ضفدع في قاع بئر .... يتيه بوابل من بعد رشٍ
فأجابني على الفور :
كأنك بعرة في إست كبش ..... مدلاة وذاك الكبش يمشي
فضحك القوم فقلت : والله لأسخرن منه كما سخر مني فقلت له : يا أعرابي قال :نعم قلت : هل تقرض الشعر فقال : كيف لا وأنا أمه وأبيه .
قال الأصمعي : فغصت في بحور الشعر فلم أجد أصعب من الواو المجزومة ..... فقلت له :
قوم بنجد قد سقاهم الله من النو . هل تعرف ما النو ؟
فقال :
نو تلألأ في دجى ليلة ...... مظلمة حالكة لو
فقلت لو ماذا ؟ ............ فقال :
لو سار فيها فارس لانثنى ......على بساط الأرض منطو
فقلت : منطو ماذا ؟ ......... فقال :
منطو الكشح هظم الحشا ...... كالباز ينقض من الجو
فقلت : جو ماذا ؟ ............ فقال :
جو السماء والريح تعلو به ......... فاشتم ريح الأرض فاعلو
فقلت : فاعلو ماذا ؟ ............ فقال :
فاعلو لما عيل بصبره ....... واصبح نجوى القوم ينعو
فقلت : ينعو ماذا ؟ ............ فقال :
ينعو رجالا للقنا شرعت ...... يا ألف قرنان أتسكت أو
فقلت : أو ماذا ........... فقال :
أو أضرب الرأس بصوانة ....... تقول من ضربتها قو
فخشيت أن أقول قو ماذا فيفعلها .. (أي يضربه بصوانة) فانسللت هاربا يا أمير المؤمنين